غير مصنف

القبطان طارق ابو شقرة يكتب عن…الفنكوش

صدق من قال: نحن المصرييين شعب ليس له كتالوج.
كيف لا ونحن أقدم شعب وأقدم حضارة في التاريخ.
فالحضارة المصرية من أقدم الحضارات في العالم وأعظمها،فهي تتميز بالتقدم والأصالة ،حيث أنها حضارة إعتمدت علي نفسها ولم تنقل من غيرها.
كما أن حضارتنا تركت إرثا عظيما للإنسانية مثل الأهرامات والتماثيل والمعابد والمسلسلات وغيرها من روائع الفن والصناعة.
ولم تكتفي بذلك بل تركت أيضا إرثا خاصا بنا،إرثا خاصا بالمصطلحات اللفظية التي تميزنا عن غيرنا من الشعوب.
من تلك المصطلحات مصطلح ” الفنكوش”.
ولمن لا يعرف أصل كلمة ” الفنكوش” عليه أن يتذكر فيلم ” واحدة بواحدة” ،الفيلم الذي قام ببطولته نجمنا الكبير عادل إمام.
الذي قام بدور رجل يدعي ” صلاح فؤاد” يعمل مدير لأحدي الوكالات الإعلانية الكبيرة.
وقد تعرضت تلك الوكالة لمأزق كبير،وذلك لتورطها بتدشين حملة تلفزيونية ضخمة لمنتج وهمي ،أطلق عليه إسم ” الفنكوش”.
وحينما هددته ” مايسة توفيق” والتي قامت نجمتنا الكبيرة ميرڤت أمين بأداء دورها بأن تفضح أمره وكشف كذبه وإدعائه لترويج منتج ليس له أصل.
هنا يلجأ صلاح فؤاد لأحد العلماء العباقرة ” الدكتور أيوب” الذي قام الفنان محمود الزهيري بأداء دوره،فلم يخيب الدكتور أيوب ظن صلاح فؤاد وقام بصناعة نوع من الشيكولاتة محشو بداخلها نوع من أنواع الخمور تسكر من يأكلها وتبسطه وسماها ” الفنكوش”.
من هنا نرى أن ” الفنكوش” هو مصطلح سينيمائي يحمل بين طياته الكثير من الواقع،وترجمت به مشروعات عديدة ،تهدف إلي تجارة الوهم وتقنين الخداع والنصب وهو المصطلح الذي يعنون به كل مالا يفهم ولا يعقل ،وهو المعني الذي لا معنى له سوى الإستخفاف بالعقول والإدراك.
وللأسف ،الأسف الشديد ما أكثر ” الفناكيش” في حياتنا المعاصرة.
فهؤلاء ” الفناكيش” أساتذة وخبراء في إعطاء الوعود والعهود دون النظر إلى إمكانية تطبيقها أو تحقيقها.
فنرى رجل يوهم الناس بأنه رجل أعمال كبير.
يستطيع أن يحقق أحلامهم بالثراء السريع لو قاموا وإستثمروا أموالهم معه.
فيقنعهم بأنه سوف يعطيهم ربح أكثر من ربح ” البنوك الوطنية” ،تلك البنوك التي تشرف عليها الدولة.
فيقوم هؤلاء البسطاء بتصديق هذا الرجل ووضع كل مدخراتهم معه ،إعتقادا منهم أنه يمتلك العصا السحرية التي تخرجهم من الفقر إلى الغنى والرفاهية.
ولا يكتفون بذلك بل يقومون بإقناع أقاربهم وأصدقائهم بإستثمار أموالهم مع ذلك الرجل.
وبعد أن يقوم هذا ” الفنكوش” بجمع أموال هؤلاء الغلابة،يقوم فورا بالهروب لأحد البلاد التي لا تربطها مع بلادنا أي ” إتفاقات أمنية”.
سارقا منهم تعب حياتهم ومدخراتهم التي جمعوها طوال حياتهم.
غير أبه بألامهم وأوجاعهم،تاركهم يغرقون في أحزانهم.
محولا ” أحلامهم” إلى ” كوابيس” .
وبدلا من أن يكون هذا الرجل هو ” الصاروخ” الذي ينقلهم من عالم الفقر إلى عالم الغنى.
يكون هو ” الحفار” الذي ينزل بهم إلى سابع أرض.
و” سياسي بارع” يتقن فنون الكلام والوعود البراقة.
يعد منتخبيه ” بالحياة الكريمة” إذا إنتخبوه،وأن يكون هو ” صوتهم” المعبر عن ألامهم وعن أحلامهم وطموحاتهم فى ” مجلس الشعب” في حال إنتخابه لهم.
يعدهم بالإستماع لهم وحل مشاكلهم وتحقيق أحلامهم وتخليصهم من ألامهم في حال ترشحهه.
وعندما ينجح هذا ” السياسي” بأخذ أصواتهم ومن ثم النجاح في أخذ مقعد في ” مجلس الشعب”.
يتنصل هذا ” السياسي” من وعوده،كأن كلامه كان ” ككلام الليل مدهون بزبدة،يطلع عليه النهار يسيح”.
وعندما يحاول ناخبيه أن يقابلوه،يتهرب منهم،كأنه لا يعرفهم ،فبعدما كان يلحس أقدامهم ليأخذ أصواتهم،نراه يفر منهم كما يفر المرء من الجرب.
فهؤلاء الناس لم يدركوا أن هذا ” السياسي الفنكوش” ،كان كل همه ” كرسي مجلس الشعب” حتى يكون له نفوذ في الدولة ليحمي مصالحه وأهدافه.
تخيلوا معي لو أن هذا الرجل تقدم ووصل إلي أعلي المناصب في الدولة،” كرئيس وزراء” مثلا،ماذا سوف يكون حالنا؟
بالتأكيد سوف نحصل علي ” رئيس وزراء فنكوشبا


و” الفناكيش” تستخدم كل الوسائل المتاحة أمامها لنشر عبيرها الفنكوشي على عباد الله.
فهي بارعة في إستخدام وسائل الإعلام المختلفة من تلفاز أو وسائل تواصل إجتماعي لتحقيق أكبر قدر من الدعاية لها.
فكم من منتج ” مغشوش” إستطاع هؤلاء ” الفنكوشييين” ببيعه وترويجه عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وللأسف تخصص لهم تلك الوسائل مساحات إعلانية مفتوحة مدفوعة الأجر للإعلان عن منتجاتهم ” الفنكوشية”.
فيبيعون لك منتجا لإنبات الشعر وتطويله وتنعيمه.
وتتفاجأ أنت بعد شرائك هذا المنتج ،أن كل شعرك سقط،ليس فقط شعر رأسك ولكن كل الشعر الذي في جسمك بما فيها شعرك في الأماكن الحساسة
وهناك من يوهمك ببيع منتج يساعد على التخلص من الدهون ويساعدك على إستعادة وزنك المثالي.
وعند إستخدامه،تتفاجأ بإنهيار وظائف الكلى والكبد،فبدلا من أن تكون مريضا ” بالسمنة” فقط يضيفون إليك أمراضا أخرى.
كل هذا لإسترخاص الناس الذهاب إلى ” المتخصصين” من الدكاترة لعلاجهم للإستفادة من خبراتهم ونصائحهم ودراستهم.
يستسهلون ذلك،إعتقادا منهم بتوفير تلك النقود لصرفها في أمور أخرى.
عوضا عن ذلك ،يذهبون لشراء ” المنتجات الفنكوشية” غير مدركين خطورتها على صحتهم النفسية والجسدية.
وبالرغم من أن ” جهاز حماية المستهلك” والأجهزة الرقابية تبذل قصارى جهدها لملاحقة هؤلاء ” الفنكوشييين” والقبض عليهم وملاحقتهم قضائيا وفضح وكشف ألاعيبهم للعامة.
إلا أن هناك ” فئة” من الناس مازالت تمشي ورائهم مصدقة لكلامهم،مشتريتا منتجاتهم ” الفنكوشية”.
وللأسف،الأسف الشديد لا يقتصر ” الفنكوش” على حياتنا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لدينا نحن المصرييين.
بل يتعداه أبعد من ذلك.
فنحن نأكل ” الفنكوش” !
نعم نحن نأكل ” الفنكوش”!
ف ” الفنكوش” يعتبر عندنا من أخطر أنواع ” المقرمشات” التي تستخدمها أمهاتنا الأحباب لإرضاء أطفالنا وأسعادهم.
وللأسف،الأسف الشديد ،لا يشعرن بمدى الخطورة التي يتسبب فيها لأبنائهن.
خاصة أن ” الفنكوش” يتشرب كمية كبيرة من زيت الطعام عن قليه الذي يسهم فى رفع الكوليسترول فى الدم،والذي ينتج عنها الكثير من أمراض الجهاز الدوري مثل القلب والأوعية الدموية وتصلب الشرايين.
كلمة أخيرة ” للفناكيش” ،إتقوا الله فينا مصداقا لقوله سبحانه وتعالي :” واتقوا الله يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون”.
سورة البقرة أية رقم 281.
وأيضا لقوله سبحانه وتعالى :” يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم”
سورة الشعراء أيتي رقم 88-89.
وكلمة أخيرة لنا : علينا بالبعد إلى أخر مدى عن ” الفناكيش” وإعتبراهم ” كالكلاب المسعورة” ،علينا إجتنابهم حتى لا ندع لهم فرصة لإنهاش لحمنا وإصابتنا بعدوي الإكتئاب والهم والحزن الشديد
علينا البعد عنهم نهائيا ،فلا نتعامل معهم إجتماعيا ولا إقتصاديا ولا سياسيا ولا حتي طعاميا.
فنحن مع متاعب الحياة وقسوتها،لا نستحمل أن نضيف إليها مجموعة من ” الفناكيش” .
صدقوني الحياة أجمل من غير ” فناكيش”.
فمن غير ” فناكيش” سوف تكون حياتنا ” أجمل وأكثر إشراقا”.
وإياكم ثم إياكم أن تصدقوا من يقول لكم :
” صباحكم عسل ،الفنكوش وصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!