نعيم ذكي خليل يكتب.. نحن ندق ناقوس الخطر.. انقذوا التعليم لتنقذوا مستقبل الأجيال
المشاهد التي رأيناها في المدارس الحكومية وأرقام العجز في المدرسين وتكدس الفصول تشير كلها إلى حقيقة واحدة وهي أن التعليم الخاص صار هو البديل الوحيد المتاح.
الحقيقة أن هذه ليست معلومة جديدة فكثير منا الآن يعرف أن أكبر بيزنس مربح بشكل خرافي في مصر هو التعليم الخاص.
أقصد طبعا أنه مربح بشكل خرافي لرجال الأعمال الذين يديرونه لكنه ليس بالضرورة مربحا للمتخرجين منه.
في التعليم الخاص يدخل الطفل الحضانة الخاصة ويتخرج من جامعة خاصة وهي رحلة يتكلف فيها الطالب في المتوسط نحو مليون جنيه !
معظم هذا الرقم يدفع في التعليم الجامعي فقط الذي أصبحت مصروفات بعض جامعاته تصل ما بين ربع مليون ونصف مليون جنيه، وبعضها يتجاوز ذلك.
ولو افترضنا متوسط لراتب الخريج من هذه الجامعات قدره 4 آلاف جنيه (لن أقول لك 2000 جنيه كما يحصل معظمهم) فإن الواحد منهم سيستعيد ما أنفقه أبواه عليه بعد نحو 20 سنة تقريبا دون أية أرباح، وهي استعادة بدفع ذلك من سنوات العمر فيما يشبه السخرة تقريبا.
الرابح هنا هم أصحاب التعليم البيزنس وليس المتعلمين منه.
لماذا يحرص المصريون إذن على هذه العملية غير المربحة من دفع نفقات باهظة دون حصول على عائد مادي؟
الحقيقة أن الموضوع معقد في تفسيره جدا، وسأشير فقط إلى أن أسرة لديها طفلين او ثلاثة وخاضوا مع أبنائهم مسيرة هذا التعليم فذلك يعني أنهم يهدرون مدخرات شقاء العمر كله في هذا المسار فقط حتى يتعلم أبناؤهم أو بمعنى أصح حتى يسقطوا عن أنفسهم فريضة أنهم علموا أبنائهم وحصلوا على شهادة جامعية بغض النظر عن الرواتب التي يحصلون عليها.
قد يعتقد البعض أن هذه الأرقام يدفعها فقط الأثرياء الفواحش أو أصحاب الأرقام الفلكية من ساكني الكومباوندز الفاخر.
الحقيقة غير ذلك، التعليم الخاص يمس الجميع الآن ويستنزف ميزانية الجميع من أول سنة في الحضانة.
هذا عبء جديد وضغط كبير يضاف إلى الضغوط التي يتحملها المصري المعاصر.
ما التداعيات النفسية والاجتماعية والاقتصادية على خروج شاب مصري من رحلة تعليم بيزنس، كل شيء فيها بيزنس، وليته بيزنس مربح له!؟
ما علاقة هذا الخريج بوطنه؟
أية روابط تجمعه به؟
أية انتماء يمكن أن يجمع هذا الشاب/ تلك الفتاة بمصير هذا البلد وأهله؟
الأمر جد خطير .
