غير مصنف

القبطان طارق ابو شقرة يكتب عن النرجسية


كثير من أصدقائي وأحبائي يسألونني،ما هي النرجسية التي طالما تكلمنا عليها في مقالاتك؟
وهل تعتبر النرجسية خطرا على صحتنا النفسية؟
ولو كانت خطرا،ما هي الطرق التي تجعلنا نكتشف أن هذا الشخص نرجسي؟
وإذا دخلنا في علاقة مع شخص نرجسي من غير أن نعرف أنه نرجسي،كيف يمكننا التعامل معه؟
وهل هناك إمكانية للتعايش مع النرجسي؟
وإذا لم نستطع التعايش معه،ما هي الطرق السليمة للتخلص من تلك العلاقة السامة؟
لكل تلك الأسئلة قررت بقلمي المتواضع وعلمي البسيط التكلم عن ” النرجسية”.
النرجسية بمنتهي البساطة واحدة من أخطر العلاقات السامة التي توجد علي ظهر الكرة الأرضية؟
ماذا تقصد أخينا طارق بالعلاقات السامة؟
أقصد بالعلاقات السامة هي العلاقات التي يقوم بها بعض الأشخاص بتفضيل مصالحهم الخاصة علي حساب مصالح الأخرين.
أي يرون مصلحتهم فقط ،أنا وأنا فقط،أما الأخرين فإلي الجحيم.
النرجسية تعني حب الذات بصورة مفرطة،وهو نوع من أنواع اضطراب في الشخصية ،حيث تتميز الشخصية النرجسية بالغرور والتعالي والشعور بالأهمية المبالغ فيها ومحاولة الكسب ولو علي حساب الأخرين.
وكلمة ” النرجسية” تعود إلي أسطورة يونانية،ورد فيها أن نركسوس كان أية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأي وجهه في الماء.
من هنا نرى أن “النرجسي” عاشق لنفسه،ويرى أنه الأجمل والأرقي ولذلك فهو يبيح لنفسه إستغلال الناس والسخرية منهم.
ولهذا يهتم النرجسي كثيرا بمظهره وأناقته ويدقق كثيرا في إختيار ملابسه ،ويعنيه جدا كيف يبدو في عيون الأخرين،وكيف يثير إعجابهم،ويستفزه التجاهل من قبلهم جدا ويحنقه النقد ولا يريد أن يسمع إلا كلمات المديح والثناء والإعجاب.
كما يصاحب الشخصية النرجسية،شعورغير عادي بالعظمة ،وأنه شخص نادر الوجود وأنه من نوع خاص وفريد،لا يمكن لأي أحد أن يفهمه إلا أحد مثله من خواص الناس.
ينتظر ” النرجسي” من الأخرين إحتراما من نوع خاص لشخصه وأفكاره النيره
و” النرجسي” شخص إستغلالي،إبتزازي ،وصولي،يستفيد من مزايا الأخرين وظروفهم في تحقيق مصالحه.
يحقق مصالحه ولو علي ” جثث” الأخرين،المهم مصلحته فقط،دون النظر إلي مصلحة الأخرين أو إحتياجاتهم.
” النرجسي” شخص غيور متمركز حول ذاته،مستميت من أجل الحصول على المناصب لا لتحقيق ذاته وإنما لتحقيق أهدافه الشخصية.
ويميل ” النرجسيون” نحو إعطاء قيمة عالية لأفعالهم،وهم يبحثون عن المثالية في أبائهم أو بدائل أبائهم من حيث المركز والعطاء.
هنا يأتي السؤال الهام كيف سوف تكون علاقتنا مع النرجسي أو النرجسية في حالة الزواج؟
أولا : يريد هؤلاء النرجسيون أن تسمعهم دائما كلام الغزل والحب،تحب وتتغزل بهم بإستمرار،حتى يشعروا بالسعادة ،خصوصا أنهم يعتقدون في ذاتهم أنهم شخصيات عظيمة،شخصية فريدة،شخصية سابقة لعصرها ا
سوف تقولون لي هذا شيئ طبيعي أخينا طارق ،فكل إنسان منا يحب أن يسمع كلام الحب والغزل،خاصة لو كانت إمرأة،كما أن الكلمة الطيبة صدقة كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم.
فما ضير ذلك أخينا طارق؟
سوف أجيبكم : لا ضير ولا بأس بأن نسمع شركائنا في العلاقة الزوجية وخاصة لو كانوا نساءا كلام الحب والغزل،بل نحن مؤمورون في ذلك.
وأن نبادلهم أيضا المشاعر النبيلة والمشاعر الجياشة،ولكن المشكل هنا هم يريدون أن تسمعهم أنت ذلك الكلام الجميل من جانبك،أما هم فيبخلون عنك بذلك الكلام الجميل والمشاعر النبيلة.
فهم يريدون أن يأخذوا منك فقط ،لا يريدون أن يعطوك شيئا.
عندهم الحياة في إتجاه واحد،ذلك الإتجاه هو أن يأخذوا ويأخذوا فقط.
يريدون أن يأخذوا مالك.
يريدون أن يسلبوا روحك.
يريدون أن يشعروا بالأمان معك.
يريدون أن يأخذوا منك الطاقة الإيجابية.
يريدون أن يسرقوا ضحتك وإبتسامتك وروحك الفكاهية.
يريدون أن يستفيدوا من نفوذك ووضعك الإجتماعي.
يريدون أن تحضر لهم ” لبن العصفور” وأن تكون كل طلباتهم مجابة.
ويعطونك بدلا منها الخسة والنذالةوالقذارة.
يسحبون ” الطاقة الإيجابية منك” ويعطونك بدلا منها ” الطاقة السلبية” .
يأخذون الحب والحنان منك ويعطونك الكره والبغض لك.
يأخذون منك ” الشعور بالأمان” ويعطونك بدلا منها ” الشعور بعدم الراحة والأمان”.
تعطيهم ” الوضوح” يعطونك ” الغموض”.
تعطيهم ” مالك وحلالك” ويعطونك بدلا منها ” خستهم ونذالتهم”.
يتركونك ” عاريا” مجردا من ثوب ” الإحساس بالأمن والأمان والحب والوفاء”.
يتركونك ويشعرونك ” بدونيتك ” .
كأنك تزوجتهم لينتقموا منك ،يخرجوا كل عقدهم النفسية عليك وعلي ” إللي خلفوك”.
وعندما ينعم الله عز وجل ” بالإستفاقة” من تلك العلاقة، وتحاول أن تلملم جراحك وتوقف ” نزيف الإستغلال” الذي مورس عليك.
وأن تقفل ” صنبور المياه” الذي فتحته عليهم من أجل تنيههم وإيقاظهم ووقف الظلم الذي وقع عليك.
أصبحت في نظرهم ” عدوا لهم”.
فيكشرون عن أنيابهم، ويقومون بمحاربتك بشتي الطرق،فيقومون بإطلاق ” الإشاعات والأكاذيب عليك”.
يحاولون أكل ” لحمك ومصمصة عظامك وأنت حي”.
يحاولون تدميرك بشتي الطرق.
كل هذا يحدث بسبب أنك أدركت أنك في ” علاقة سامة” ،وأنك تحاول بشتي الطرق الهروب من تلك ” العلاقة المميتة”.
لهذا علينا بشتي الطرق ” فك التعلق” بتلك ” الشخصيات المريضة”.
” الشخصيات الهشة” ،” الشخصيات الكرتونية” ،التي لا يهما سوى مصلحتها فقط،دون النظر لمصلحة الأخرين.
فهم يعيشون لإشباع رغباتهم وشهواتهم المريضة،لا يوقرون كبيرا ولا يرحمون صغيرا.
كل همهم ” إستنزافك ماديا ونفسيا”
كل همهم ” تحطيمك وإمراغ أنفك في التراب”.
لهذا عليك البعد عنهم ” نهائيا” وعدم التفكر في الرجوع إليهم.
فلا ” أمل في إصلاحهم” .
لأن ” الطبع غلب التطبع ” ولأن ” ذيل الكلب أعوج”.
إن الإستمرار في العلاقة مع ” النرجسي” لهو أمر خطير،لما له من أثار نفسية على الضحية.
فلو كانت الضحية لا سمح الله ضعيف الشخصية،قليل الإيمان بالله عز وجل ،قد يصاب ” بالإكتئاب” ومن ثم ” التفكير بالإنتحار ” لا سمح الله.
لهذا ” أنجوا بأنفسكم” ، وإحتفظوا بالبقية الباقية من ” روحكم” .
و” لملموا جراحكم” ،ولا تخشوا المستقبل ،فالقادم أفضل بإذن الله لكم.
إكشفوا ” قناعهم” ،إكسروا ” برواز تلك العلاقة الشاذة” ،إجعلوهم يروا أنفسهم أمام المرأة،يروا حقيقتهم ” العارية” .
يروا نفسهم المريضة بالحقد والجبن والخسة والنذالة والرعونة وعدم تحمل المسؤولية والمسقطة لأخطائهم،فهم يسقطون أخطائهم علي غيرهم.
” إياكم والشفقة عليهم” ،فالذي لا يرحم لا يرحم.
والذي لم يعرفك ولم يساندك في ضعفك،الذي تخلي عنك وتركك وحيدا تعاني ألام العذاب والفقد.
تلك الشخصية الهشة الوضيعة،إياك ثم إياك أن تفكر مجرد التفكير في الرجوع إليهم.
فهم عندما يبكون من أجل إرجاعك،يكون بكائهم ” كدموع التماسيح” ،يبكون لإستدراج عطفك ومن ثم إرجاعك للعلاقة مرة أخري وإستنزاف ما تبقي من طاقة لك.
فالحب له طاقة والعطاء له طاقة.
فإعط طاقتك وحبك لمن يستحق.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يشبهك”.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يقدرك”.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يحتويك ويحترمك”.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يعطيك الإحساس بالأمان”.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يرفعك بحبه عنان السماء”.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يشملك بحبه ورعايته”.
أعط طاقتك وحبك لمن ” يغطيك بلحافه”
أعط طاقتك وحبك لمن ” يعرف قيمتك”.
لهذا لا تخافوا أحبابي من البدايات الجديدة،فالقادم سوف يكون أفضل بالنسبة إليكم.
سوف يكون مشرقا بالبعد عنهم.
سوف يكون ممطرا بالسعادة والهناء والسرور ،طالما تخليتم عنهم،تخيلتم عن تلك العلاقة السامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!