غير مصنف

إبراهيم فايد يكتب …أزمة التربية في ظل وجود منصات الفيديو الرائجة بمضامينها

TikTok وتحديات التربية المُعاصِرَة

ابراهيم فايد

 

أزمة تربوية تشهدها معظم الأُسَر والبيوت المحافظة بعد انتشار مِنَصَّات الفيديو الرائجة على الإنترنت هنا وهناك وباتت ملجأ للطفل وملاذًا له للترفيه والترويح عن النفس عبر مئات إن لم تكن آلاف مقاطع الفيديو المعروضة والمتاحة أمامه طوال الوقت، ولعل السقطة الفظيعة هنا هي التي قد ترتكبها الأمهات بأن تستغل فرصة وجود مثير يلهي الطفل ويجذب انتباهه وحواسه عنها في حين تقوم هي بأعمال المنزل وما عاداها من مشاغل حياتية، بينما تلك المضامين الخبيثة تَبُثُّ سمومها في عقول طفلها بما تُقَدِّمُه من أفكار إما مغلوطة أو منافية للقيم أو مخالفة للعادات والتقاليد الأصيلة، ومن هنا نجد الأم وإن أزاحت عن عاتقها عبء الرقابة والمتابعة والاهتمام والاحتواء لطفلها، إلا أنها وفي الوقت ذاته ألقت به في جُبٍّ عميق قد يغرق فيه ولا يخرج إلا وقد علقت في ذهنه بقايا من هذه المِنَصَّات التي أصبحت بالنسبة له هي المُرَبِّي والمُعَلِّم والدّاعم بكل ما تحويه من سوءات.

ولا يفوتنا في هذا السياق التطرق لتطبيق TikTok والذي يُعَدّ أحد أبرز وأشهر هذه المِنَصَّات الشائعة في الآونة الأخيرة بعد أن استقطبت آلاف مؤلفة من المواطنين على اختلاف أعمارهم ووظائفهم لمجرد تحقيق دولارات معدودة من أرباح المُشاهَدات والإعلانات المعروضة عليه، بينما هم أقل -فكرًا وثقافةً- من أن ينفعوا غيرهم أو أن يقدم أحدهم معلومة مفيدة أو نصيحة قويمة أو موعظة حسنةً، فقط مجرد محاولات فاشلة لشغل مساحة البث بمقاطع مضحكة سخيفة وحركات مُبتذَلَة مُريبَة وكلمات نابِيَة مُشينة، ثم لا يفطن الأبوان لخطورة ذلك إلا بعد أن تتمكن هذه المضامين من لسان الطفل وذهنه ويتناول تُرَّهاتها على الملأ في مواقف محرجة للأسرة، ناهيك عن خطورة تقليده لكثير من التجارُب المذاعة على هذه المِنَصَّات والتي قد لا تصلح للقيام بها في المنزل أو أنها ذات ضرر فائق على الطفل والأسرة.

ختامًا، وكما أنه يسوءني التطرق لمحتويات سامة مثل هذه تستعمر لُبَّ الطفل وتسلبه وَعيَهُ، فإنه يروقني التذكير بسبل التربية الحسنة التي نشأَتْ عليها أجيال القرن العشرين من إلهاء وقت الطفل بحفظ القرآن وممارسة الألعاب الرياضية المختلفة ككرة القدم وغيرها، بل إنه وفي كثير من الأحيان كنا نمارس أنشطة ترفيهية في حضور أفراد الأسرة جميعهم أو ضمن جماعات الأقران، ولا ننسى أن عقل الطفل هو في النهاية مجرد صفحة بيضاء تتغذى بما يُطبَع عليها من مُسَوَّدات قولية أو سمعية او بصرية بغض النظر عن صاحبها، فلا تجعلوا أبناءكم رهن تربية هكذا مِنَصَّات مجهولة الهُوِيَّة ورهينة لسمومها، وما أراكم بهذا إلا يتَّمْتُم أبناءكم قبل فوات الأوان.. يتَّمْتُموهم بين ظهرانيكم وأنتم أحياء لكن الأب في واد والأم في واد آخر والطفل قابِعٌ تحت سَمْعِ وبَصَرِ الهواتف والشاشات!

ودَعوني أختَتِمُ بِخَيْرِ الكلام حديث رسولنا العدنان -صلى الله عليه وسَلَّم- قال: (كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه).
صدق رسول الله صلى الله عليه وسَلَّم

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!